المؤتمر الوطني ظل يتعامل مع القضايا السودانية بمعزلٍ عن مخاطبة الواقع وبعيداً عن مطلوبات الساحة السياسية، والشاهد على ذلك اتجاه مؤشرات تفكيره نحو الانتخابات في وقتٍ يصعب فيه الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة ومبرأة من الشوائب، التي علقت بانتخابات ٢٠١٠م التي استغلها المؤتمر الوطني لاكتساب شرعية زائفة بينما استغلتها الحركة الشعبية بالاستقواء بالمجتمع الدولي للوصول إلى الانفصال.. قطعاً إعادة التاريخ بتفاصليه البائسة مهزلة.. لماذا بعد أربعة أعوام يصر المؤتمر الوطني على كتابة سيناريوهات تخدم مصالحه الحزبية الخاصة دون مراعاة لمطلوبات يفرضها المنطق للخروج من نفق أزمة الحروب والاحتقان لإعادة التوازن والتوافق، كيف تحكم البلاد توطئة للاستقرار.. قطعاً محاولة فرض الانتخابات قبل مخاطبة المتغيرات في الوطن، وإيجاد حلولٍ لجوهر الصراع بين الحكومة وشعبها، والصراع الطبقي الذي ولد الغبن الاجتماعي، والصراع السياسي الحزبي، وصراع المليشيات الموالية للحكومة وضدها وهلم جرا، محاولة فرضها أي الانتخابات قطعاً سيزيد من حجم الصراع، ويعقد المشكل السوداني، ويدفع بكرة الثلج المتدحرجة إلى نهايات غير معلومة..
واضح أن إصرار الانقاذيين على نهج الإقصاء والانفراد بالقرارات المصيرية (الانتخابات) سيجرف ما تبقى من الوطن إلى الهاوية.. لا أحد ينكر بأن السودان الوطن على شفا حفرة من الإنهيار ما لم يغير الحريصون على الوطن أوضاع البلاد إلى واقع أفضل ينهي تراجيديا استمرت طويلاً بحسابات الوقت والأزمات، فكان انهيار القانون والنظام والفوضى الشاملة في مناطق الحرب ودارفور نموذجاً.
أليس من المدهش أن يختزل المؤتمر الوطني حل أزمة البلاد في قيام انتخابات بدستور منتهي الصلاحية وفي وطن نصف مساحته تحترق بالحرب (ولايات دارفور الخمس، ولايتي جنوب وشمال كردفان، النيل الأزرق).. والسؤال المطلق كيف تقام الانتخابات في ظل حكومة مسيطرة على مقاليد كل شيء المال والإعلام؟ ولماذا يستسهل المؤتمر الوطني أمر الوطن بهذه السهولة، وماذا فعل لمعاناة الموطن حتى يخرج للناس ببرنامج انتخابات.. وهل ذاكرة هذا الشعب معطوبة لتتساقط منها ممارسة الحزب الحاكم في انتخابات ٢٠١٠م.. استغلال أموال وممتلكات الدولة، تبديل الصناديق، كل ما يخطر على البال فيما يتعلق بالممارسات الفاسدة كان حاضراً في الانتخابات الماضية شهده المراقبون وتناقلته وسائل الإعلام.. هل يتناسى المؤتمر الوطني ازدياد حالة اليأس والإحباط لدى المواطن السوداني من هول ما قرأ عن الفساد، هل يتجاهل المؤتمر الوطني تباعد المسافة بينه والمواطنين الذين يبحثون عن الغذاء والدواء في قلب المدن ناهيك عن مناطق منسية وأمرها مجهول، وبعضها مهدد بالمجاعة.. وهل لغة الانتخابات هي اللغة المناسبة لاختراق هذا الواقع؟ سؤال ينتظر الإجابة؟؟!!